28 - 09 - 2025

مؤشرات | مشهد العقاب العالمي لنتنياهو والعقاب العربي المنتظر

مؤشرات | مشهد العقاب العالمي لنتنياهو والعقاب العربي المنتظر

المشهد الأجمل في العالم، هو مشهد مغادرة وفود أغلبية دول العالم من قاعة اجتماعات الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، مع اعتلاء رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي المحتل الإرهابي "بنيامين نتنياهو" منصة القاعة في نيويورك، في رسالة مهمة، ليس لإسرائيل فقط، بل للولايات المتحدة الأمريكية الراعي الرسمي للإرهاب الصهيوني، وشريك حرب الإبادة على غزة.

الأهم في معنى مغادرة قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه رسالة كراهية لمحتل يسفك الدماء على الملأ وطامع في حقوق وأراضي الآخرين، بحالة تبجح عالية، وفي نفس الوقت مرتكب جرائم، تساوت بل ربما تجاوزت كل الأفعال النازية، ورسالة عقاب في شكل جديد لكل السياسيات الإسرائيلية، ونتنياهو وحكومة الدموية.

مشهد مغادرة الوفود قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيظل رمزاً مهماً يكشف عورات الصهيونية في أعلى فُجرها الإجرامي، وكاشف عن الانحياز الأمريكي في عهد الرئيسي "السمسار" دونالد ترامب، والذي ترك كل قضايا العالم، ليكشف عن "سمسرته" التي ضاعت في أعمال صيانة مقر الأمم المتحدة.

من المؤكد أن عملية الانسحاب، ستظل حدثاً تاريخياً، لمواقف دول، ولو كانت رمزية، ولوضع رئيس وزراء الكيان المحتل في مزبلة التاريخ، وأيضاً رسالة عن عجز العالم، في ظل الاستخدام الأمريكي المفرط لحق النقض "الفيتو" على قرارات الأمم المتحدة التي تخص الفلسطينيين، خصوصاً بشأن حرب الإبادة على غزة، بشراً وحجراً.

مغادرة أغلب أعضاء الوفود قاعة الجمعية العامة، خطوة عالمية واضحة للتعبير عن رفض واعتراض سياسي على كل السياسات الإسرائيلية، والمؤيدة لها من أي دولة بالكرة الأرضية، مع التأكيد أكثر على رفض استمرار الحرب الدموية على غزة، ورفض أيضا لهذا الموقف الأمريكي المفضوح المؤيد لهذه الحرب، والذي جسدته كلمات الرئيس الأمريكي ترامب ووزرائه، خصوصاً أن الوفد الأمريكي ظل في مقاعده، في تعبير عن دعم واشنطن المستمر لموقف تل أبيب، وفي هذا الحرب القذرة ضد الفلسطينيين على قطاع غزة، بل على كل الأراضي الفلسطينية أيضاَ.

ومن النقاط التي كشفت عن، حشد المغادرة، وجود قرار غير معلن لغالبية دول العالم، بالاتفاق على توجيه لطمات الى نتنياهو على الهواء، ووضعه في خانة العزلة، والمنبوذين، وأنه مريض بوباء "القتل والدم"، والابتعاد عنه حماية وتحصين، من أوبئة "الصهيونية" أو على الأحرى "النازية الصهيونية" في القرن الحادي والعشرين.

وعلى نطاق أخر، لوحظ أن فشل محاولات تبيض وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فقد تأكد عدم جدوى جني فوائد من مخاطبة أهل غزه خلال كلماته "المبتذلة" عندما قام الجيش الإسرائيلي ببث خطابة عبر مكبرات صوت تم نصبها في محيط قطاع غزة، لمحاولة زرع فتنة جديدة بين الفلسطينيين، وعناصر المقاومة.

ووفق متابعون، فقد كان حجم غضب أهل غزة من خطاب نتنياهو، متوازياً مع حالة الغضب الدولي من سياساته في غزة، والتي عبر عنها هذا الحشد الملفت للأنظار بحالة الفراغ لقاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، من خلال طابور انسحاب عشرات الدبلوماسيين بمجرد اعتلاءه المنصة.

والتعبير عن غضب آخر، نقلت وكالات الأنباء، مواقف من خارج مبنى الأمم المتحدة، لاحتجاجات حاشدة حملت الأعلام الفلسطينية، وسط هتافات تطالب بوقف الحرب، ووقف كل أشكال الدعم الأمريكي وغيره لإسرائيل، مع هتافات مناهضة لحكومة نتنياهو عدد كبير منها رفعها نشطاء إسرائيليون معارضون، بل ظهرت حشود أخرى فقد نظم نشطاء إسرائيليون مقيمون في الولايات المتحدة مظاهرة أمام فندق إقامة نتنياهو، حملوا فيها لافتات، تتضمن عبارات مثل "أنقذوا إسرائيل من نتنياهو"، و"أوقفوا الحرب"، و"أطلقوا سراح الجميع"، ليحاصر بحالة غضب من الداخل والخارج.

وأخيرا، فرغم ما قيل إن وفودا عربية ظلت في قاعة الاجتماعات للجمعية العامة الـ80 للأمم المتحدة خلال القاء نتنياهو كلمته، فإن هذا الحدث الملفت للأنظار بمغادرة ومقاطعة أغلبية الوفود لنتنياهو، يضع الدول العربية والإسلامية، في مأزق جديد، يتطلب التفكير جدياً في فكرة العقاب الدبلوماسي، والتجاري، والاقتصادي، واللوجستي للكيان المحتل، والمؤكد أنه الطريق المعبد لموقف قابل للتنفيذ.
-------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | مشهد العقاب العالمي لنتنياهو والعقاب العربي المنتظر